الصفحة الرئيسية  متفرّقات

متفرّقات القلم الحر اﻹرهاب واﻹرهابي: مصطلحان مستحدثان والظاهرة وقعت أسلمتها وعولمتها

نشر في  06 أفريل 2016  (14:23)

بقلم: عفيف البوني


تخلو معاجم لغة العرب بحسب لسان قريش من ذكر الاسم و المعنى اﻹصطلاحي المستعمل اليوم لكلمتي أو صفتي اﻹرهاب واﻹرهابي، ففعل أرهب ورد بمعنى توعد وهدد وجاء ذكر الرهبة بمعنى الخوف والفزع، ولم يرد ما يتصل بالقتل والتدمير والجهاد وأعتقد  أن هذا اﻷمر لم يفت مؤلفي لسان العرب أو تاج العروس..
أطلقت حسب علمي في سبعينات القرن 20 صفتا اﻹرهاب واﻹرهابي ﻷول مرة من طرف الكيان اﻹسرائيلي على المقاومين الفلسطينيين للاغتصاب الصهيوني ﻷرضهم وذلك ﻻستبدال وصفهم من قبل، من طرف اﻹسرائيليين بالمخربين وما يفعلونه من تخريب حسب الدعاية اﻹسرائيلية آنذاك.
وهكذا شاع عبر اﻹعلام العربي المغفل واﻹعلام العالمي المؤطر بذكاء وحرفية، شاع المصطلحان، عبر اللغات الحية بكلمتي terroriste ,    terrorisme  بما يعنيانه ممّا حصل في مرحلة من الثورة الفرنسية من  رعب أو ترعيب وعسف .

في تاريخنا المجيد عند من يمجدوه وهم يجهلون ما هو غير مجيد، ظهر اﻹغتيال السياسي كأسلوب تآمري في العمل السياسي المتستر باسم اﻹسلام من خلال الحشاشين وهم من يقع تخديرهم بالمخدرات والتغرير بهم من طرف العاملين في السياسة باسم الدين فينقادون لقتل اﻷبرياء واغتيال السياسيين غدرا.
 وهكذا دخلت كلمة الحشاش الى اللغات الحية مع التحريف فصارت assassin أي القاتل السفاح من خارج القانون.
من الغريب أن القوى السياسية وتلك الناطقة باسم اﻹسلام الضالعة معها في اﻹرهاب، وهناك قوى غير متورطة في هذا اﻹرهاب ، قد استعملت أو وظفت جهل البسطاء المسلمين المهمشين البؤساء واﻷميين في أقذر عمليات التوحش واﻹجرام  أي في القتل والتدمير واﻹنتحارالذاتي باسم الجهاد أو باسم اﻹستشهاد باسم الدين أو الرسول، وهم في الحقيقة يقتلون ويدمرون وينتحرون لحساب من وظفوهم أو غرروا بهم، حيث ﻻصلة ﻹرهابهم بالجهاد الذي توقف مع آخر فتوحات نبي اﻹسلام، ومنذ ذلك الزمان صار ما كان يسمى بالجهاد يسمى بالحرب التي ﻻتكون مشروعة وواجبة إﻻ إذا صدرت عن السلطة الشرعية للدولة في حالة وجود عدوان خارجي وليس ﻷي مسلم أن يقرر لوحده أوتبعا لفتوى من داعية أو من من مفتﻻ يعرف لمن هو يوظف فتواه الجاهلة أو المدفوعة الثمن حسب المنتفعين منها، فالمسلم في اﻹسلام ﻻيحق له قتل المسلم وﻻ غير المسلم بناء على قرار أو رأي منه لوحده أي من خارج قضاء  السلطة الشرعية الوحيدة التي لها أن تحاكم المتهمين .
إن اﻹرهابي اليوم شبح متخف  مسلح بفكر التوحش والقتل والتدمير ورفض الحياة لذاته انتحارا ولغيره من ابرياء انتقاما دون سبب ﻷن  من وظفه في اﻹرهاب انتزع منه إنسانيته وكرامته واغتصب عقله الذي فشل المجتمع والدولة في صقله عبر الثقافة والعلم والعمل فتحول بسرعة الى أداة طيعة في يد شريرة، تحول الي قاس وعاق  وغادر وقاتل ومتآمر وخسيس ومتخف في المغاور واﻷدغال ورافض نابذ كافر بالثقافة والحضارة والسلم والحب والفن والعلم والنظام والحياة...
ليس اﻹرهابي على علاقة باﻹسلام و يكاد اليوم أن يكون اﻹرهابيون كلهم من المسلمين وأغلبية ساحقة من الذين يغتالونهم من المسلمين أيضا، وكلهم أو أغلبيتهم ممن ﻻيعرفون العلوم اﻹجتماعية  وﻻ يعملون ـ أي هم عاطلون ـ ولم يتعرفوا على الفنون ولم يقرؤوا التاريخ ...

 اﻹرهابيون  في اجرامهم، ليسوا من بين من هم في  حالة الدفاع عن النفس، وﻻ هم من المقاومين لعدو يحتل بلادهم  وليسوا معارضين وﻻ هم من المناضلين السياسيين، هم مرتزقة يقتلون من أجل مصالح آخرين مجهولين.. ﻻصلة لهم باﻹسلام أو بالسلام أو بقدسية الحياة واﻷديان  والقيم  فالمسلم ﻻيملك حق قتل المسلم وﻻ غير المسلم، وريجيس دو بري مستشار ميتران رئيس فرنسا سابقا والذي قاتل مع تشي غيفارا في بوليفيا رفض اﻹرهاب ولم يقتل أي مدني ورفض اﻹغتيال أي اﻹرهاب. نايف حواتمة رفض قتل اﻹسرائيليين المدنيين. العفيف اﻷخضر رفض الكفاح المسلح الذي يستهدف المدنيين  أي رفض قتل  غير المحاربين مهما تكن مشروعية النضال السياسي في فلسطين  من قبل الثوار الفلسطينيين، وكذلك الجندي في الجيوش النظامية للدول والخاضعة لقوانين وأعراف الحروب ، فهو ﻻيقتل اﻻ الجندي الذي ﻻ يستسلم له  وهو ﻻ يقتل الجندي الذي  يستسلم ﻷنه ليس إرهابيا وﻻ مجرما وﻻ مرتزقا وﻻ وصيا علي العقول و هو  ليس متآمرا بل هو يمارس واجبا وطنيا وجماعيا وسياسيا قانونيا  لم يتيسر تحقيقه لدولته بالوسائل السلمية ، ويتمثل في كسر إرادة عدو غاز أو في سبيل تحقيق مصلحة وطنية عليا أقرتها سلطة شرعية حاكمة يمكن محاسبتها على أخذها قرار الحرب إن أخطأت، مع أن الحرب النظامية، هي باﻷساس عمل سياسي بامتياز وبوسائل عنيفة.